موقع الخواطر

 

زمن الحمير

زمن الحمير
المعجزات كلها في بدني
حي أنا لكن جلدي كفني
أسير حيث أشتهي لكنني أسير
نصف دمي بلازما، ونصفه خبير
مع الشهيق دائما يدخلني
ويرسل التقرير في الزفير
وكل ذنبي أنني آمنت بالشعر
وما آمنت بالشعير
!في زمن الحمير 

حديث الحمام

حدّث الصياد أسراب الحمام
قال: عندي قفصٌ
أسلاكه ريش نعام
سقفه من ذهب
و الأرض شمعٌ و رخام
فيه أرجوحة ضوء مذهلة
و زهورٌ بالندى مغتسلة
فيه ماءٌ و طعامٌ و منام
فادخلي فيه و عيشي في سلام
:قالت الأسراب
لكن به حرية معتقلة
أيها الصياد شكراً
!تصبح الجنة ناراً حين تغدو مقفلة 
ثم طارت حرةً
لكن أسراب الأنام
حينما حدثها بالسوء صياد النظام
دخلت في قفص الإذعان حتى الموت
!من أجل وسام 

الممثلون

مقاعد المسرح قد تنفعل
قد تتداعى ضجرا
قد يعتريها الملل
لكنها لا تفعل
لأن لحما ودما من فوقها لا يفعل
يا ناس هذي فرقة يضرب فيها المثل
غبائها معقل، وعقلها معتقل
والصدق فيها كذب، والحق فيها باطل
يا ناس لا تصفقوا، يا ناس لا تهللوا
ووفروا الحب لمن يستأهل
فهؤلاء كالدمى: ما ألفوا
ما أخرجوا، ما دققوا، ما غربلوا
وفي فصول النص لم يعدلوا
لكنهم قد وضعوا الديكور والطلاء ثم مثلوا
وهكذا ظل الستار يعمل
يرفع كل ليلة عن موعد
وفوق عرقوب الصباح يسدل
وكلما غير في حواره الممثل
مات وحل البدل
رواية مذهلة لا يحتويها الجدل
فالكل فيها بطل، وليس فيها بطل
عوفيت يا جمهور يا مغفل
لا ينظف المسرح إن لم ينظف الممثل


عبد الذات

بنينا من ضحايا أمسنا جسرا
وقدمنا ضحايا يومنا نذرا
لنلقى في غد نصرا
ويممنا إلى المسرى
وكدنا نبلغ المسرى
ولكن قام عبد الذات يدعو قائلا: "صبرا"
فألقينا بباب الصبر قتلانا
وقلنا إنه أدرى
وبعد الصبر ألفينا العدى قد حطموا الجسرا
فقمنا نطلب الثأرا
ولكن قام عبد الذات يدعو قائلا: "صبرا"
فألقينا بباب الصبر آلافا من القتلى
وآلافا من الجرحى
وآلافا من الأسرى
وهدّ الحمل رحم الصبر حتى لم يطق صبرا
فأنجب صبرنا صبرا
وعبد الذات لم يرجع لنا من أرضنا شبرا
ولم يضمن لقتلانا بها قبرا
ولم يلق العدا في البحر، بل ألقى دمانا وامتطى البحرا
فسبحان الذي أسرى بعبد الذات من صبرا إلى مصرا
.وما أسرى به للضفة الأخرى 



الحسن أسفر بالحجاب

قمر توشح بالسحاب
غبشٌ توغل، حالماً،
بفجاج غاب
فجرٌ تحمّم بالندى
وأطلّ من خلف الهضاب
الورد في أكمامه
ألق الآلئ في الصدف
سرجٌ ترفرف في 
السدف
ضحكات أشرعةٍ
يؤرجحها العباب
ومرافئ بيضاء
تنبض بالنقاء العذب من 
خلل الضباب
من أي سحرٍ جئت أيتها
الجميلة؟
من أي بارقة نبيلة
هطلت رؤاك على الخميلة
فانتشى عطر الخميلة؟
من أي أفق
ذلك البرد المتوّج باللهيب
وهذه الشمس الظليلة؟
من أي نبعٍ غافل
الشفتين
تندلع الورود؟
من الفضيلة
!هي ممكنات مستحيلة
قمرٌ على وجه المياه 
يلمُّه العشب الضئيل
وليس تدركه القباب
قمرٌ على وجه المياه
سكونه في الاضطراب
وبعده في الإقتراب
غيبٌ يعد حضوره وسط
الغياب
وطن يلم شتاته في 
الإغتراب
روح مجنّحة بأعماق
!التراب‌
وهي الحضارة كلُّها
تنسلُّ من رحم الخراب
وتقوم سافرةٌ
:لتختزل الدُّنا في كلمتين
!(أنا الحجاب)
الحسن أسفر بالحجاب
فمالها حُجُبُ النفور
نزلت على وجه السفور؟
واهاً
أرائحة الزهور

تضير عاصمة العطور؟
أتعفُّ عن رشف الندى
شفة البكور؟
أيضيق دوحٌ بالطيور؟
!يا للغرابة
لا غرابة
أنا بسمة ضاقت
بفرحتها الكآبة
أنا نغمة جرحت خدود
الصمت
وازدرت الرتابة
أنا وقدة محت الجليد
وعبّأت بالرّعب أفئدة
الذئاب
أنا عفة وطهارة
بين الكلاب
الشمس حائرةٌ
يدور شراعها وسط
الظلام
بغير مرسى
الليل جنّ بأفقها
!والصبح أمسى
والوردة الفيحاء تصفعها
الرياح
ويحتويها السيل دوساً
والحانة السكرى
تصارع يقظتي
وتصب لي ألما وبؤسا
سأغادر المبغى الكبير
ولست آسى
!أنا لست غانية وكأسا
نعلاك أوسع من فرنسا
نعلاك أطهر من فرنسا
كُلُّها
جسدا ونفسا
نعلاك أجمل من مبادئ
ثورةٍ
ذكرت لتنسى
مدي جذورك في جذورك 
واتركي إن تتركيها
قرى بمملكة الوقار
وسفّهي الملك السفيها
هي حرةٌ ما دام صوتك
ملء فيها

وجميلة ما دمت فيها
هي ما لها من مالها شيءٌ
!سوى "سيدا" بنيها
هي كلها ميراثك
:المسرق
اسفلت الدروب،
أوعية المعاصر،
أوعية المعاصر،
النفط،
زيت العطر،
مسحوق الغسيل،
صفائح العربات،
أصباغ الأظافر،
خشب الأسرّة،
زئبق المرآة،
أقمشة الستائر،
غاز المدافئ،
معدن الشفرات،
أضواء المتاجر،
وسواه من خير يسيل 
بغير آخر
هي كلها أملاك جدك
في مراكش
أو دمشق
!أو الجزائر
هي كلها ميراثك
المغصوبُ
فاغتصبي كنوز 
الاغتصاب
زاد الحساب على
الحساب
وآن تسديد الحساب
فإذا ارتضت… أهلاً
وإن لم ترض
فلترحل فرنسا عن
فرنسا نفسها 
إن كان يزعجها
!الحجاب

أعذار واهية

-أيها الكاتب ذو الكف النظيفة
لا نسودها بتبييض مجلات الخليفة
أين أمضي
وهو في حوزته كل صحيفة؟
-امض للحائط
واكتب بالطباشير وبالفحم
!وهل تشبعني هذي الوظيفة؟
أنا مضطر لأن أكل خبزاً
-واصل الصوم…ولا تفطر بجيفة
-أنا إنسان وأحتاج إلى كسب رغيفي
ليس بالإنسان من يكسب بالقتل رغيفه
قاتلٌ من يتقوّى برغيفٍ
!قص من جلد الجماهير الضعيفة
كل حرفٍ في مجلات الخليفة
ليس إلا خنجراً يفتح جرحا 
!يدفع الشعب نزيفه
لا تقيدني بأسلاك الشعارات السخيفة
أنا لم أمدح ولم أردح
ولم تنقد ولم تقدح
ولم تكشف ولم تشرح
حصاة علقت في فتحة المجرى
!وقد كانت قذيفة
أكل عيش
لم يمت حُر‍ٌّ من الجوع
ولم تأخذه إلا من "حياة العبد" خيفة
لا… ولا من موضع الأقذار
يسترزق ذو الكف النظيفة
أكل عيش
كسب قوت
إنه العذر الذي تعلكه المومسُ
!لو قيل لها كوني شريفة

اللاعبان

على رقعة تحتويها يدان
تسير إلى الحرب تلك البيادق
فيالق تتلو فيالق
بلا دافع تشتبك
تكر، تفر، وتعدوا المنايا على عدوها المرتبك
وتهوي القلاع، ويعلو صهيل الحصان
ويسقط رأس الوزير المنافق
وفي آخر الأمر ينهار عرش الملك
وبين الأسى والضحك
يموت الشجاع بذنب الجبان
وتطوي يدا اللاعبين المكان
" أقول لجدي: "لماذا تموت البيادق
"يقول: "لينجو الملك
أقول: "لماذا إذن لا يموت الملك
" لحقن الدم المنسفك
!"يقول: "إذا مات في البدء، لا يلعب اللاعبان


لا نامت عين الجبناء

أطلقت جناحي لرياح إبائي
أنطقت بأرض الإسكات سمائي
فمشى الموت أمامي، ومشى الموت ورائي
لكن قامت بين الموت وبين الموت حياة إبائي
وتمشيت برغم الموت على أشلائي
أشدو، وفمي جرح،والكلمات دمائي
(لا نامت عين الجبناء)
ورأيت مئات الشعراء
مئات الشعراء
تحت حذائي
قامات أطولها يحبو
تحت حذائي
ووجوه يسكنها الخزي على استحياء
وشفاه كثغور بغايا، تتدلى في كل إناء
وقلوب كبيوت بغاء، تتباهى بعفاف العهر
وتكتب أنساب اللقطاء
وتقيء على ألف المد
وتمسح سوءتها بالياء
في زمن الأحياء الموتى، تنقلب الأكفان دفاتر
والأكباد محابر
والشعر يسد الأبواب
.فلا شعراء سوى الشهداء

السابق

التالي